اعتمد الدكتور أبو عالي في حياته التفوق والإبداع ، كأسلوب حياه ، مذ كان أسفل سفح جبل المردد الغربي طريقا يهرب عبره إلى النجاح ، وهو يسلكه بثوبه الناصع البياض في ذهابه وإيابه إلى المدرسة الريحانية عند كل أصيل ، بعكس غالبية أقرانه الذين كانت تمتلئ بهم حقول الحنطة ، وهم يؤدون الجهد التقليدي لكل الناس في سراة غامد وزهران آن ذاك ، كلهم مابرحوا يؤدون ذات ادوار أبائهم ، ممارسة الزراعة و الارتباط بالأرض وحدها دون غيرها ، أو العمل الموسمي ، وليس على غرار ما كان يفعله الدكتور أبو عالي في الجمع قدر المستطاع بين العمل في حقول الذرة والحنطة والدراسة والعمل الوظيفي التربوي المتنوع .
( الهروب إلى النجاح ) عنوان وشم به الدكتور أبو عالي كتابه الجديد ( السادس ) الصادر عام 1431 المطبوع في دار العبيكان بالرياض .
يقع الكتاب في (424 ) صفحة من القطع المتوسط ، رائع الطباعة والتغليف ، والإخراج ، والمحتوى ، على غلافه الأخير تعريف موجز بالكتاب ، وقد حمل التعريف الموجز نفس عنوان الكتاب وزاد تحت العنوان هذه العبارة
(( إنها قصة أيامي على مرآة ذاتي ))
وهو توقيع يختصر في وضوح ودقة وإتقان الكتاب كله في أوجز وأبلغ عبارة .
ولم لا والكاتب هو : المبدع الدكتور سعيد بن عطية أبو عالي .
والمثير للنقاش هو هذا العنوان الملفت للنظر ، وانتقاء المؤلف لكلمة ( الهروب ) لتكون الكلمة الأولى ومطلع عنوان الكتاب ، لتعطي دلالة غير مسبوقة للهروب المحمود من عالم الجهل الى عالم العلم ، والمعرفة ، والشهرة ، والأمجاد ، والأفاق الواسعة .
وللهروب في اللغة معان عديده
منها في سورة الصافات :
قول الله تعــــــالى :
” إذ أَبَقَ إلى الفلك المشحون”.
معنى أَبَقَ : هــــرب
وفي لسان العرب والمحيط ومختار الصحاح ، وردت ( هرب ) بمعانِ عديدة منها :
هرب إذا جدَ في الذهاب والأمر، ويكون للفرس وغيره ، وأهرب الرجل إذا أبعد في الأرض أو ســاح فيها ، وأهرب فلان أي أغرق في الأمر .
وليس غريب على المؤلف ان يهرب الى سفينة النجاح وهل هناك أشرف و الذ وأطعم وأحلى من النجاح ومن ركوب فلكه الميمون ..؟؟
والغريب ان المؤلف قد ترك للقارئ مهمة الوصول بنفسه الى المعاني السامية والجميلة للهروب والتي وردت في معظم قواميس اللغة .
ويعد كتاب [ الهروب الى النجاح ] ضمن كتب التراجم والسير التي امتلأت بها ارفف المكتبة العربية والعالمية منذ زمن طويل ولعل من اشهرها :
كتب السيرة النبوية العطرة ، وتهذيب التهذيب للعسقلاني ، والإصابة في معرفة الصحابة ، وسير اعلام النبلاء للزركلي ، وكتاب وفيات الأعيان .
وكتب السيرة الذاتية من الكثرة بحيث يصعب حصرها, منها ما كتب السيوطي عن حياته في كتابه (حسن المحاضرة) ، وابن حجر العسقلاني في كتابه (رفع الإصر عن قضاة مصر)، ولسان الدين بن الخطيب في كتابه (الإحاطة في أخبار غرناطة) ، وممن أفردوا تراجمهم في كتب مستقلة :
ابن خلدون أفرد للتعريف بنفسه كتاباً سماه (التعريف)، وكذا الشعراني في (لطائف المنن)، وأسامة بن منقذ الشاعر المشهور في كتاب سماه (الاعتبار) و (مذكرات) الأمير عبد الله آخر ملوك بني زيري في غرناطة ، وعلي مبارك في (علم الدين)، ورفاعة الطهطاوي في كتابه (تلخيص الإبريز)، والمويلحي في (حديث عيسى بن هشام)، والشدياق في (الساق على الساق)، وأحمد أمين في كتابه (حياتي)، وعبد الله بن الحسين في كتابه (مذكراتي)، والدكتور نجيب الكيلاني في (حياة طبيب)، وأحمد الجندي في (لهو الأيام)، والشيخ علي الطنطاوي في( الذكريات)، وهي في ثمانية أجزاء، والدكتور إبراهيم السامرائي في (حديث السنين)، وميخائيل نعيمة في (سبعون)، وإبراهيم المازني في (إبراهيم الكاتب) و(إبراهيم الثاني)، وأحمد لطفي السيد في (قصة حياتي) وتوفيق الحكيم في (زهرة العمر) و (سجن العمر)، وجان جاك روسو في (الاعترافات) وهي في خمسة أجزاء، وعبد الرحمن الرافعي في(مذكراتي)، وعبد الرحمن شكري في (الاعترافات)، وعبدالعزيز فهمي في (هذه حياتي)، وإحسان عباس في (غربة الراعي )، ونجيب المانع في (ذكريات عمر أكلته الحروف)، وجورج بوش في (التطلع إلى الأمام)، ونلسن مانديلا في (رحلتي الطويلة من أجل الحرية)، و مالكوم إكس في (سيرة ذاتية )، وهتلر في (كفاحي)، وشارلي شابلن في (قصة حياتي) وهو مفرغ في أشرطة لدى المجمع الثقافي في أبوظبي، ومحمد مهدي الجواهري في (مذكراتي )، وعبد الرحمن بدوي في (قصة حياتي )
وكتاب البحث عن الذات للسادات ، وكتاب السيرة الذاتية لعباس محمود العقاد .
وبهروب الى النجاح ينضم استاذنا القدير الى قائمة كتاب السيرة الذاتية ومشاهيرها .
الدكتور سعيد ابو عالي رجل سبق عصره ، وما فتئت قدراته العقلية الكبيرة تسبق على الدوام أيام عمره المديد – ان شاء الله – وتفوق قدرات جسمه النحيل ، وكانت بداية مؤشرات ذلك السبق في مدرسة عراء حين تم نقله خلال يومين – ماشاء الله – من الصف الثالث الى الرابع الإبتدائي ، وخلال عامين فقط اصبح مدرسا في مدرسة بني سالم الإبتدائية ، ثم مديرا لمدرسة خفه وبني حده ، ثم مديرا لمعهد المعلمين بالأطاولة ، كل تلك القفزات السريعة المتلاحقة تمت فقط خلال عقد واحد من الزمن ، إذ كانت تحركها دوافع وحوافز قوية ، وقدرات عقلية متفوقة ، وذكاء حاد ، واصرار عجيب على النبوغ والتفوق واحتلال الصدارة دائما ، وظلت الصدارة مطلبه وديدنه الى ان تم ترشيحه وكيلا لوزارة المعارف – اعتذر بناء على رغبة شخصية من امير الشرقية – بعد بروزه الملفت للنظر ونجاحه الباهر في تعليم المنطقة الشرقية التي لايشبهها في تفردها أي منطقة اخرى من مناطق المملكة ومازالت مواهبه العديدة تدفع به من نجاح الى اخر ومن مركز الى سواه ، جمع المجد عبرها من اطرافه ، والتميز كان عنوانه الدائم فمن يستطيع ان ينكر ادواره المؤثرة الرائعة القيادية في تعليم الشرقية وفي جائزة الأمير محمد بن فهد ، وقيادته لجامعة الباحة العالمية و تسنمه قمم كبريات المجلات ، وباعه الثقافي الطويل وهو يقتاد ادبيي المنطقة الشرقية والباحة الى الصفوف الأولى واسمه يرن في كل الصفحات الادبية والمحلية بل وحتى الرئسة في كل الصحف السعودية قاطبة .
ابوعالي اسم ومسمى ، والى لقاء في الأعالي مع ابوعالي و( هروب جديد )